من منّا لا يسعى لأن يكون مقبولًا بين النّاس يحبّهم ويحبّونه، فمن متطلّبات النّفس الإنسانيّة وغاياتها في هذه الحياة أن تنال السّعادة، والسّعادة لا تأتي إلا ببناء علاقات إيجابيّة مع النّاس تظلّلها معاني الودّ والمحبّة، وتغمرها الألفة والتّوافق، ويبقى التّحدي الذي يواجه الكثيرين ويبقى السّؤال الذي يؤرّقهم على الدّوام هو كيف أكسب رضا الآخرين وأنال محبّتهم.
لا شكّ بأنّ هناك أمور غير مكتسبة تجعل أصنافًا من النّاس مألوفين بمجرّد أن تنظر إلى وجوههم وتسمع منطقهم، وهناك أمور مكتسبة؛ حيث يتعلّم الإنسان مهارات إنسانيّة معيّنة تجعله قادرًا على اكتساب محبّة الآخرين.
وسائل لجعل الآخرين يحبونك - أن يكون الإنسان صادقًا في كلامه لا يكذب؛ فصدق الحديث من الصّفات التي يحبّها النّاس في الإنسان لما له من آثار طيّبة في نفوسهم؛ حيث إنّ الصّادق لا يغدر ولا يخون، وهو محلّ ثقة الآخرين بتوافر صفة صدق الحديث عنده.
- أن يكون الإنسان سمحًا في تعاملاته في الحياة؛ فالسّماحة وسهوله التّعامل من الأمور التي تحبّب النّاس في الإنسان، ذلك لأنّ هذه الصّفات تيسّر حياة النّاس فلا تعقّدها، ومثال على ذلك التّاجر الذي يبيع النّاس ويكون سمحًا في بيعه، فلا يزيد في أسعاره أو يتشدّد في إبرام صفقاته، وإنّما يكون سهلًا في تعاملاته التّجارية كلّها، وهذا خلقٌ محبّب عند النّاس بلا شك.
- أن يتميّز الإنسان بصفات العفو عند المقدرة، فما أجمل أن يصفح الإنسان عمّن أساء إليه، فُيبادل إساءته بالإحسان، وما أجمل أن يقوم الإنسان بغفران ذنوب النّاس؛ بحيث تكون كلمة المسامحة على لسانه دائمًا.
- أن يتقرّب الإنسان إلى الله تعالى بالعبادات وعمل الخير والمعروف؛ ففي الحديث (ما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه، كما ورد حديث آخر في كيفيّة محبّة الله لعبده، وكيف يكون من آثارها أن يوضع له القبول في الأرض، وما المحبّة إلا مظهرٌ من مظاهر هذا القبول، قال تعالى (إنّ الذين آمنوا وعملوا الصّالحات سيجعل لهم الرّحمن ودًّا)؛ فالإيمان والعمل الصّالح يحقّقان للعبد المحبّة والقبول عند الله وعند النّاس.
- أن يسعى الإنسان للإصلاح بين المتشاحنين والمتباغضين؛ فالنّاس بطبعهم يحبّون هذا الخلق الكريم في الإنسان، لذلك تجد النّاس يحبّون كثيرًا المصلحين والسّاعين في إزالة أسباب الكراهية بين فئات المجتمع، وتراهم يجلّونهم ويحترمونهم أيّما احترام.
- أن يتّبع الإنسان أسلوب الهديّة لمن يرجو حبّه؛ ففي الحديث (تهادوا تحابوا)، فاحرص على إهداء من ترجو محبّته، وذلك لما للهديّة من آثار عجيبة في النّفوس.